الأرجيلة، حقائق صادمة وكوارث قادمة
الأرجيلة، حقائق صادمة وكوارث قادمة
الدكتور بشار الأفندي
يعتقد الكثيرون أن الأرجيلة غير ضارة كما السجائر، وبأنها لا تسبب الإدمان. ويظن الجميع أن وجود الماء في الأرجيلة ينقي الدخان الناتج عن الحرق، ويخفف من الأضرار. هذه المعتقدات خاطئة كلياً حسب دراسات عديدة، ولا تقل خطورة الأرجيلة عن خطورة السجائر.
سألخص فيما يلي نتائج الأبحاث التي تتعلق بهذا الموضوع.
بداية، أصبح تدخين الأرجيلة شائع جداً في كل بلاد العالم من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب، كثير من هؤلاء لم يدخنوا السجائر مسبقاً. وحسب دراسات من المنطقة، يبدو أن أكثر من نصف طلاب الجامعة يدخنون الأرجيلة.
تاريخياً،
استعمل التنباك كطارد وقاتل للحشرات في القرون الوسطى. وعند استخلاص النيكوتين من النبتة تم تصنيفها كمادة سامة.
تحتوي كل أنواع التدخين على النيكوتين بكميات كافية للتأثير في الجسم، وعلى المئات من المواد السامة والمسرطنة. يمتلك النيكوتين تأثيراً منبهاً وآخر مهدئاً في نفس الوقت. ويعتمد المفعول النهائي على الكمية المستهلكة منه. فهو يحرض افراز هرمونات الأدرنالين والدوبامين والبرولاكتين مما يسبب زيادة النشاط والاحساس بالسعادة والنشوة، ويثبط افراز الانسولين والاستروجين والتستوستيرون مما يسبب ارتفاع السكر في الدم وحدوث سن اليأس مبكراً. من المهم معرفة أن النيكوتين لا يسبب السرطانات كما يعتقد البعض، ولكنه يسبب الإدمان.
أما القطران فهي المادة المسرطنة التي تنتج عن احتراق التبغ والخشب والفحم والبترول، فتطلق مواداً سامة كثيرة ومنها البنزين. بالإضافة إلى ذلك يحتوي القطران على العديد من المعادن الثقيلة مثل النيكل، الزرنيخ، الرصاص، الكروم، الزئبق والسيلنيوم وغيرها. يتجمع القطران في الجهاز التنفسي فيمنع الزغابات من تأدية وظيفتها، ثم يدخل الخلايا ويتراكم فيها فتسود الرئة، وتصبح غير قادرة على أخذ الأوكسجين من الهواء، ثم يؤذي الصبغيات ويشوهها مع الزمن، فيسبب سرطان الرئة. يسبب القطران وبشكل مؤكد سرطانات الفم والطرق التنفسية والرئة والبنكرياس والكبد، والكلية، والبروستات، وغيرها. من الجدير بالذكر أن القطران كان يستعمل في تعبيد الشوارع وعلى الأسطحة والبواخر للعزل، وأنه لا يوجد حالياً أي دواء قادر على سحب القطران المتراكم في الخلايا المتعرضة له.
حسب تحليل نتائج دراسات علمية متعددة، يبدو أن تدخين أرجيلة (معسل) لمدة ساعة يُعرض المدخن لما يعادل:
- نيكوتين ٢-٥ سجائر
- قطران ٢٥ سيجارة
- دخان ١٢٥ سيجارة
- أول اوكسيد الكربون السام بما يعادل ١٠سجائر
بشكل عام، يسحب مدخن السيجارة حوالي ١٠ (استنشاقات) أو ما يعادل نصف ليتر من الدخان من سيجارته، أما مدخن الأرجيلة فيسحب ما يعادل ١٠٠-٢٠٠ سحبة في الساعة، وهذا يعادل ٢٠٠ ليتر من الدخان السام في ساعة واحدة.
حسب المنظمات العالمية المسؤولة، ومنها منظمة الصحة العالمية، فإن ساعة من تدخين الأرجيلة يعادل في خطورته ٢٠-١٠٠ سيجارة، وذلك متعلق بالمكان وعدد “السحبات” في الدقيقة، ونوعية (المعسل)، ونوعية الفحم المستعمل، وطول “البربيش” وحجمه.
من المؤكد طبياً بأن تدخين الأرجيلة يسبب نفس أمراض تدخين السجائر وتشمل الأمراض القلبية والرئوية والعصبية والوعائية والهرمونية والهضمية والجلدية والأسنان والسرطانات وغيرها، وذلك حسب دراسات كثيرة.
لا شك أن الإدمان على الأرجيلة يتجاوز التعود العصبي النفسي، فهو تعود اجتماعي أيضاً عند أكثر من ٩٠٪ من الناس. قلما تجد مدخنَ أرجيلة يجلس وحيداً، عكس مدخني السجائر. وتظهر بعض الدراسات أن الأدوية التي تساعد المرضى في التوقف عن تدخين السجائر تفشل تماماً في مساعدة مدخني الأرجيلة الذين يطلبون المساعدة للإقلاع عنها.
أعتقد أن تدخين الأرجيلة يزيد في خطورته عن تدخين السجائر للأسباب التالية:
- وجود كميات أكبر من المواد السامة المعروفة
- وجود مواد سامة مجهولة في المعسل
- عدم وجود المراقبة الصحية للسيطرة على المكونات
- عدم وجود التحذير الصحي الصريح على معظم أنواع هذه المنتجات، لتنبيه المستهلك
- التعرض الأطول لغاز اول اكسيد الكربون الناتج عن احتراق المعسل واحتراق الفحم الحجري
- التعرض الأطول للقطران الناتج عن مصدرين مختلفين (احتراق المعسل وكذلك الفحم الحجري)
- الاستنشاق العميق لكميات أكبر من الدخان يزيد من المساحات المتضررة، ومن تراكم البنزين والقطران
- تدخين الأرجيلة يتم لفترات طويلة مستمرة تحرم خلايا الجسم من فرصة تصحيح وترميم الأذى
- الانتشار الواسع في العائلات، وفي معظم البيوت وهو يطال صغار السن والحوامل وحتى الأجنة
- وجود منكهات تخفي طعم النيكوتين المر وطعم الدخان، فيزيد المدخن سعادة!
- وجود التبريد بالماء أو الثلج، يخفف الشعور بالحرق في الفم والصدر، مما يشجع على طلب المزيد
- عدم غلاء سعره نسبياً!
- أما المعسل (الفرط) فهو سم مسموم.
يؤدي الإقلاع عن التدخين بكل أنواعه إلى فوائد صحية سريعة على القلب والتنفس والأوعية الدموية، وكذلك إلى زيادة معدل العمر المتوقع بمعاناة صحية أقل. الكثيرون ينجحون في الابتعاد عن هذه السموم، انضموا لهم.
أخيراً، بلغت نسب مدخني الأرجيلة في بلادنا أرقاماً لا تصدق، مما ينذر بكارثة صحية قادمة إن لم تتدخل السلطات المعنية بدراسة الظاهرة، والسيطرة عليها.
المراجع
Leave A Comment