عقد الغدة الدرقية
عقد الغدة الدرقية
Thyroid Nodules
الدكتور بشــار الأفندي
توجد الغدة الدرقية في أسفل الرقبة، من الجهة الأمامية، مباشرة فوق عظم القص، وتشبه في شكلها الفراشة. الغدة الطبيعية متناظرة، لينة ملساء وتتحرك أثناء الطعام. لا يتجاوز وزنها ٢٠ غرام وحجمها ١٢ مل.
عقد (عقيدات) الغدة الدرقية هي تكتلات غير طبيعية من الخلايا أو السوائل في النسيج الغدي الدرقي. تعتبر عقد الغدة الدرقية من الأمراض شائعة الحدوث، حيث توجد عند أكثر من نصف سكان المعمورة. تزداد الإصابة بشكل ملحوظ عند النساء، ومع تقدم العمر. يبدو أن نسب الإصابة ارتفعت بشكل ملحوظ لأسباب مختلفة لا مجال لحصرها هنا، كما أن الكشف عن هذه العقد ازداد بسبب الاستعمال العشوائي للتصوير الشعاعي في العقود الأخيرة. تكون الإصابة على شكل عقدة منفردة، وقد تكون الغدة متعددة العقد.
من أهم أسباب حدوث هذه العقد:
- التهابات الغدة بكل أنواعها
- التكيسات
- نقص اليود المزمن
- الوراثة
- التعرض للمواد المشعة (وتزيد الأشعة من حدوث السرطان أيضا)
- نادراً السرطانات (في الغدة أو من خارجها)
تنبع أهمية الموضوع من خوف المرضى وذويهم من احتمال كون هذه العقد أوراماً سرطانية، أو بسبب مظهرها المزعج، ونادراً بسبب ضغطها على الأنسجة المجاورة كمجرى البلع أو طريق التنفس أو على الحنجرة.
بشكل عام وحسب دراسات عديدة من مراكز عالمية مختصة، أكثر من ٩٥٪ من هذه العقد لا تفرز الهرمون ولا تسبب أعراضاً، وهي سليمة لا تحتاج لأي علاج ولا متابعة. من جهة أخرى، تزداد احتمالية الخبث في حال وجود عوامل وراثية وكذلك في بعض المناطق خاصة تلك التي تعرضت سابقاً للمواد الشعاعية والأسلحة النووية.
تقييم العقد الدرقية
أولاً – القصة المرضية والفحص السريري
يعتمد التقييم بشكل رئيسي على أخذ القصة السريرية المفصلة، والتاريخ المرضي الشخصي والعائلي للمريض ومن ثم الفحص السريري الدقيق.
هناك الكثير من الأدلة المساعدة التي قد تأتي من القصة والفحص السريري فوجود الألم في العقدة دليل سلامة، وكون العقدة لينة القوام، ناعمة الملمس قابلة للتحريك مع البلع أيضاً أدلة على سلامتها. الوراِثة هامة جداً ووجود سرطان غدة في العائلة أو احتمال وجود تعرض سابق للأشعة فهذه علامات خطر تستحق التمحيص. كذلك يرتفع احتمال حدوث سرطان الغدة عند الرجال بالمقارنة مع النساء.
ثانياً – التحاليل المخبرية
للأسف لا يوجد تحليل دم للتأكد من سلامة العقد الدرقية أو خبثها. تقتصر التحاليل المخبرية على فحص هرمون الـ (TSH) للتأكد من نشاط الغدة. أما الفحوصات الأخرى فتطلب في حالات خاصة، وحصراً من قبل الأخصائيين.
ثالثاً – التصوير الشعاعي
تعتبر الصور الشعاعية التلفزيونية (US) هي المفضلة، وقد نحتاج نادراً لإجراء صور المسح النووية في حال زيادة نشاط الغدة.
تساعد الصورة التلفزيونية إن تمت (بأيدٍ خبيرة) بشكل كبير على تصنيف العقد إلى (سليمة، قليلة الخطورة، متوسطة الخطورة وعالية الخطورة). للأسف أيضاِ، لا تكفي الصورة لمعرفة التشخيص النهائي، ولذلك وجب تحويل بعض المرضى لأخذ عينة من العقدة (FNA). من الجدير بالذكر هنا أنه لا فائدة إضافية ترتجى من التصوير الطبقي المحوري (CT Scan) ولا من التصوير المغناطيسي (MRI) المكلفين مادياً.
رابعاً ـ أخذ العينة من العقدة بواسطة إبرة دقيقة (FNA)
يتم هذا الاجراء البسيط في العيادة مع استعمال التخدير الموضعي تحت الجلد. وقد تتم العملية بمساعدة التصوير التلفزيوني في حالة العقد غير الواضحة بالفحص. يجب أن يقوم بسحب العينة طبيب مجاز متمرس، وننصح عادة بأخذ ٣ عينات من كل عقدة مشتبه بها. لا ننصح بأخذ العينة من العقد التي يقل قطرها عن ال ١سم ولا من العقد الكيسية بشكل كامل (الكيسات).
خامساً ـ دراسة العينة مجهرياً
تمكن هذه الدراسة من معرفة التشخيص النهائي، وتحتاج لخبرة طويلة في هذا المجال، ومتابعة للمعايير الدولية الدقيقة والمتغيرة.
سادساً – تحديد طريقة العلاج أو المتابعة
يحدد الطبيب خطة العلاج بالاعتماد على نتيجة العينة وقد يقتصر ذلك على مجرد المتابعة السنوية أو يتطلب الجراحة (بدرجات مختلفة)، وقد يتبع الجراحة ضرورة استعمال اليود المشع في القليل من الحالات. قلل اجراء سحب العينة (بأيدِ خبيرة) من الحاجة إلى إجراء عمليات استئصال الغدة إلى النصف وبالتالي ساهمت في تخفيف حصول المضاعفات الجراحية الكبيرة.
أخيراً، يحتاج تقييم العقد الدرقية وعلاجها إلى فريق طبي خبير ومتكامل، ولا شك أن مهمة الطبيب (الحكيم) هي التمييز بين السليم والخبيث من هذه العقد بأقل تكلفة نفسية ومادية ممكنة.
ودمتم بخير
مراجع